حسب نظرية العلاج الطبي؛ فكل مرض له سلسلة من التفاعلات وباعتراض وتفكيك ولو حلقة واحدة منها يمكن إيقاف سلسلة التفاعلات المرضية ومعالجة المرض، وحسب الدراسات السلوكية فكثير ممن يتعرضون للتحرش والانتهاكات اللاأخلاقية بصغرهم يصيبهم انحرف عن الفطرة ويصبحون بكبرهم منتهكين للأطفال وهكذا تستمر سلسلة الانتهاكات والدمار الأخلاقي للأجيال، وللأسف إن ثقافة العيب السائدة تمثل أفضل غطاء لاستمرارية سلسلة الانتهاكات هذه؛ فالأهل يمتنعون عن تبليغ السلطات عن من تحرش بأبنائهم وانتهكهم بأبشع الصور خوفا مما يوصف «بالفضيحة» والنتيجة أن المجرم يبقى يعيث فسادا وهو مطمئن؛ لأن الأهالي لن يبلغوا عنه وبخاصة وأن الدراسات بينت أن غالب حالات التحرش والانتهاكات اللاأخلاقية يكون الجاني فيها من الأقارب، وما جدوى كل حملات توعية الأطفال حول التحرش طالما الأهل بالنهاية غالبا سيتسترون على المجرم ولا يبلغون السلطات؟! والحل الذي يقطع سلسلة الانتهاكات وعواقبها الوخيمة يتمثل بتوعية الأطفال بضرورة الاتصال بأنفسهم على خط مساندة الطفل «رقمه: 116111» ليبلغوا عن تعرضهم للتحرش، فالطفل ليس لديه اعتبارات العيب الاجتماعي إنما يريد فقط أن يأمن على نفسه، ومن ثم يجب توفير معالجة نفسية للضحية، ويجب أن تكون العقوبات رادعة بحق هؤلاء الشياطين الذين يدمرون الأطفال ويشوهون تكوينهم النفسي والاجتماعي وربما يؤدون لانحرافهم، ومن التبعات الخطيرة على الضحايا؛ سلوكيات أذية وتدمير الذات والانتحار، الالتحاق بالجماعات الإرهابية، جنوح الأحداث، العنف، الفشل الدراسي، تقليد ما تعرض له ليصبح جانيا على غيره، سلوكيات الهروب عبر إدمان المسكرات والمخدرات بالإضافة للأمراض النفسية والعقلية والاجتماعية وصعوبات جذرية في الحياة الزوجية تؤدي للطلاق وعذاب الأبناء، وكل هذه السلسلة يمكن قطع استمراريتها عبر حملة لتوعية الصغار عبر القنوات المخصصة لهم بإلزامية الاتصال بأنفسهم بخط مساندة الطفل للتبليغ عن تعرضهم للتحرش وعدم التوقف عند عقبة الأهل، فالطفل بكثير من الأحيان حتى يتخوف من إخبار أهله لكي لا يلوموه ويعاقبوه كما ولو أنه تعرض لهذا الانتهاك بإرادته وهذا يضاعف الضرر النفسي على الطفل ثلاثة أضعاف؛ مرة بلوم الضحية، والضعف الثاني امتناعهم عن التبليغ، والثالث هو باستمرارية التعرض للانتهاك. وأخيرا أذكر بفتوى الشيخ د. سعود الفنيسان أستاذ وعميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتأييد «الاخصاء الكيميائي» للمتحرشين، وهو إجراء دوائي لتخفيف شهوتهم، ومن الدول التي تطبقه؛ بريطانيا، عدد من الولايات الأمريكية، إندونيسيا، قرغيزيا، روسيا، كوريا الجنوبية، الأرجنتين، أستراليا، بولندا، مولدوفا، استونيا، مقدونيا، نيوزيلندا، البرتغال وعدد من الدول الأوروبية.